ناصحني بشدة صديق وقريب لي لا زال خائفا ومشفقا علي وهو يود بي خيرا خوفا على حياتي وهو يطمعني في العودة الى الوطن لرؤية الاهل والاصدقاء الذين اشتاقهم بعد غياب طال اكثر من تسعة عشر عاما وقد اشترط علي لتحقيق هذه الامنية الغالية في رؤية الاهل والاحباء أن اخفف من عيار المواجهة الذي اتبعه مع هؤلاء القتلة والمجرمين الظالمين الفاسدين الذين لا يتورعون من فعل كل شيء قذرفي مواجهة خصومهم للنيل منهم وايضا للدفاع عن انفسهم وحماية مصالحهم وقد اثبتوا بالفعل ووقائع مشهودة انهم احقر مخلوقات الله في الغدر بالخصوم في سبيل الحفاظ على ملكهم الزائل وقد دعم مناصحته لي بحوادث مشهودة تدلل على غدرهم بخصومهم حتى الذين لم يواجهونهم والذين واجهوهم بالحق ومنهم اناس محسوبون علي تيارهم وبالتحديد ذكر لي حادثة اغتيال الصحافي المغدور به محمد طه محمد احمد والتي لا يشك شعب السودان في انهم وحدهم هم من دبروا ذبح ابنهم بهذه الطريقة البشعة والتي ارادوا التخلص بها منه الى الابد بعد ان صار وجوده خطرا على امنهم وايضا هدفوا منها الى ارهاب واسكات كل من تسول له نفسه في التعرض لهم حيث ان مصير محمد طه في انتظاره.. وقد عزز هذا بقصة الصور البشعة لجريمة اغتيال محمد طه التي بعثت الى بريدي من مجهول!
قاطعت صديقي وانا شاكرا اياه على هذا الاحساس الصادق وهذه النصيحة الثمينة والمخلصة ولكني ايضا كنت ممتعضا لاسرافه في التخوف والرهبة من الخصم وقد ذكرت له ما قيمة حياة الانسان اذا كانت حياته في بلادنا اليوم في هذا العهد الكالح ان يعيش مذلولا مهانا لا يستطيع الدفاع عن شرفه وكرامته واهله وحياته في هذه الاوضاع التي استباح فيها هؤلاء المجرمون الوطن بشعبه وقيمه ومعتقداته ومقدراته وجوعوا الشعب الى درجة ان الكثيرين فقدوا شرفهم وكرامتهم في هذه الاوضاع المهينة ... وفي ذات الوقت اكدت له ما وزن مواجهتي اللفظية وهي متواضعة جدا في مقابل عطاءات الابطال والشهداء الذين واجهوا هذا الظلم بالفعل بالسلاح ونازلوه بشجاعة اضعاف اضعاف ما اعبر به الان وهي مجرد الفاظ وافكار... فمنهم من عذب ومنهم من استشهد في المعتقل ومنهم من استشهد ويده على الزناد!وذكرت له كيف اخاف اناسا تفصل بيني وبينهم الاف الفراسخ والاميال وانا في وضع افضل من اولئك الشرفاء الذين يعيشون في كبد الحريق في داخل الوطن ولا زالوا يناضلون بينما انا في منأى عن بطشهم وحقدهم و ذات الموت الذي تخاف علي منه يتربص بي في اليوم الاف المرات وانا اعمل في مهنة من اخطرالمهن في الدنيا اي مهنة االتاكسي حيث الموت يتربص بك في الطرقات صادما او مصدوما او برصاصة غادرة من مجرم في مقعدك الخلفي تنفذ من جمجمتك وتذهب بك الى يوم الحشر العظيم!فالخوف يا عزيزي دينيا نقص في الايمان بالقضاء والقدر وهو يهدم ركنا اصيلا من اركان الايمان في الاسلام وبالتالي يؤدي الى عطب في اس العقيدة.... والخوف يا عزيزي ايضا نقص في الاخلاق عندما يمنعك عن قولة الحق ونصرة المستضعفين امام ظالميهم وانت تفقد الاحساس تجاههم بالمؤازرة ونصرتهم التي تحض عليها كل الاديان والشرائع الارضية و القيم والاخلاق.. وهنا حضيض السقوط الاخلاقي عندما تؤثر سلامتك الشخصية خوفا علي روحك بينما لا يهمك ان يموت الالاف من المظاليم امام ناظريك وانت ترى ذلك بغير ضمير واخلاق. وهنا تفقد ايضا ادميتك وانسانيتك وتبدو كائنا حقيرا في الحضيض!فالخوف يا عزيزي لن ينجيك من الموت فحتما سيدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ولكن الشجاعة في الدفاع عن الحق تملكك القرب من الله وتعطيك الخلود في الدنيا والاخرة... فحتى الحيوانات ساعة الجد تزود عن صغارها في مواجهة الطغاة وتنتصر بارادتها وعزيمتها على اولئك الطغاة.......انهض يا صديقي واترك الخوف واطلب الخلود فنحن لسنا اشرف من اجدادنا الابطال من رووا بدمائهم الطاهرة الذكية ارض الوطن وفدونا وفدوا الوطن العظيم بارواحهم الطاهرة,, ولسنا اشرف من شهداء الوطن في كل فترات الطغيان المحلي وقد استشهدوا لاجلنا ووهبوا ارواحهم رخيصة في يوم الفداء العظيم ... ولسنا اشرف من الشهيدة( التاية ابو عاقلة) هذه الحواء العروسة الشابة اليافعة وهي في ريعان شبابها وقد سطرت بدمها الذكي ملحمة الصمود والخلود في مواجهة الطغيان لاجلي ولاجلك وهي لا تابه لشبابها ومستقبلها يوم خرجت تدافع عنا نحن الاحياء الجبناء..انهض يا صديقي لنفدي الوطن بالغالي والنفيس طالما معنا الحق سنرهب به الطغاة والمنافقين والجبناء وحتما ستكتب لنا الحياة... والساكت عن الحق شيطان اخرس. فهؤلاء جبناء وانذال وليسوا شجعانا فالشجاع لا يغدر ولا يظلم ولا يكذب ولا يسرق بل جبناء ولذلك اعتمدوا الارهاب وسيلة للدفاع عن انفسهم ومصالحهم وايضا لارهاب ضعاف النفوس من الخصوم الواهنين.
خذ الدرس في المواجهة يا صديقي من هذه الحيوانات في الصمود وهي تدافع عن صغارها ببسالة وقد توحدت وهي تقوم بثورة حقيقية ضد اسطورة ما يسمي الاسد ( ملك الغابة) و الذي فر امامها كالكلب الجبان مذعورا وقد استطاعت بمعجزة الثورة ان تستعيد صغيرها من بين فكوك التماسيح وانياب الليوث فهل يا ترى سنفعل مثلها لتخليص اهلنا في دارفور وفي كاجبار والمناصير والجنوب والشرق والوسط وكل السودان بمثل هذا التحدى والصمود والوحدة في مواجهة القتلة والمجرمين تجار الدين؟؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق