الجمعة، 25 أبريل 2008

ومات محمد ود الخواجية فداء الخروف الجميل

مكتبة هشام هباني ومات محمد ود الخواجية فداء الخروف الجميل!!
31-01-2007, 02:09 م المنتدى العام لسودانيز أون لاين دوت كوم
» http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=138&msg=1199607939&rn=0


--------------------------------------------------------------------------------
مداخلة: #1
العنوان: ومات محمد ود الخواجية فداء الخروف الجميل!!
الكاتب: هشام هباني
التاريخ: 31-01-2007, 02:09 م


كانت امنية محمد الصغير عندما يرجع الي الوطن لاول مرة بصحبة ابيه المهاجر الي اوروبا منذ خمسة عشر عاما قضاها في صقيع المنافي لاجئا هائما تاركا وطنا يتلظي تحت وطأة الظلم والطغاة ..كانت امنية محمد الصغير بن (الخواجية )ان يغتني عند العودة للوطن خروفا يلاعبه كبقية الاطفال كالذي راه في حديقة الحيوان في بلد امه الاوروبي وايضاكذاك الذي راه في مسلسل اطفال تلفزيوني اجنبي وهو حمل جميل وديع تغتنيه اسرةريفية اوروبية في مزرعتها وقد كان مصدر بهجة لاطفالها يلاعبونه ويسليهم.. وفعلا وعده ابوه بتحقيق هذه الامنية البسيطة!!
وفعلا عاد محمد برفقة ابيه السوداني المهاجر والعائد بعد غيبة الي ارض الوطن السودان ..وكانت العودة قد صادفت مناسبة عيد الاضحي وقد كانت مناسبة العيد لهذا الاب العائد لتوه للوطن والذي يحب كثيرا طفله الاوحد فرصة ذهبيةان يحقق لصغيره رغبته في التمتع باللعب بخروف العيد قبل ذبحه بعد يومين كاملين وهو حر طليق في ساحة البيت يلعب به كما يشاء.. ويومان فرصة كافية لتسلية الطفل المدلل مع ابناء عمومته بهذا الضيف المسكين السيد المرحوم الخروف والذي سيغادر الدنيا حتما بعد اليومين المحددين في اول ايام عيد الاضحية بامر الله ذبحا حلالا ومباركافداء اسماعيل!!
في عصر ذلكم اليوم جاء العم الطيب بخروفين هما اضحية العيد له ولاخيه المهاجرالعائد وكم كانت مفاجأة مدهشة للطفل الصغير محمد بن الثمانية اعوام ان يرى حلمه يتحقق امامه وفي بيتهم فبدل خروف كانا خروفين وفرصة عظيمة للتسلية ومداعبتهما مع ابناء عمومته اثناء فترة ما قبل العيد.. .. وفعلا استمتع محمد الصغير مع ابناء عمه باللعب والمطاردة للخروفين الجميلين حتى صار مولعا بهما حدا يفوق التصور..ونشات بينه وبينهما في هذين اليومين علاقة حميمة ووثيقة حد الوله حيث كان يصحو محمد مبكرا عند الصبح قبل شرب الشاي ليتسلل خلسة واهله نيام الى الزريبة الملحقة بحوش البيت حيث كان يقبع الخروفان ويبدأ في اللعب معهما من الصبح الي ان تغيب الشمس ولا ينقطع عنهما الا في فترات تناوله الطعام عندما تناديه امه.!!
ولم يكن يدري انه بنهاية اليومين سيفارقه ابديا الصديقان الجميلان اللذان اسعداه جدا وهماسيفارقانه الي عوالم اخرى باذن الله امرا ظل مسطورا وذبحا عظيما فداء اسماعيل بن ابراهيم !!
جأء العيد السعيد و في صباحه البهي تسلل كعادته محمد الصغير خلسة الى الزريبة ليحيي صديقيه الحميمين بتحية الصباح المعتادة واعدا اياهما بمواصلة اللعب والتسلية معهما بعد اداء صلاة العيد في هذا اليوم السعيد!!
ارتدى محمد الصغير في ذلكم الصباح المبارك اي صباح العيد لاول مرة مثل ابناء عمه وعماته جلبابه السوداني الجديدوطاقية ومركوبا وخرج مزهوا فرحا بالعيد مع والده وعمه وابناء الاهل من انداده الي صلاة العيد وكان فرحا بهم وهم ايضايبادلونه ذات الشعور رغم لغته العربية ( العجمية) والتي كانت مثار ضحكهم وتندرهم البريء علي بن عمهم السوداني العجمي!! ..وبعد ان اتموا صلاة العيد وبعض مراسم المعايدة بالساحة التي اقيمت عليها الصلاة كان محمد الصغير متشوقا جدا اكثر من ابيه وابناء عمه للعودة للبيت ليقابل صديقيه الجميلين وقد افتقدهما اثناء ادائه شعيرة صلاة الاضحية وهو الان شغوف للقائهما حيث ذاهب اليهما ليهنئهما ايضا بالعيد!!
وفعلا سبق محمد الصغير اباه وابناء عمه الي منزلهم القريب جدا من ساحة العيد.. وذهب مباشرةالي الزريبة حيث يمكث صديقاه الجميلان وفعلا التقاهما فرحا مسرورا وهوتحدث اليهما بلكنة عربية اعجمية يحييهما بالعيدية قائلا: (ايد مبارك اليكم) اي العيد مبارك عليكم.. وقفز الي داخل الزريبة ممسكا باحدهما وفعلا بدأ مداعبتهما والتحدث معهما والمسكينان كانا ينظران اليه بحيرة ويحاولان التملص منه واحيانا يحاولان مناطحته ولكنهما يعدلان عن هذه الفكرة السخيفة وهما يعقلان انه طفل بريء جدا جدا وبعد لحظات انضم اليه ابناء عمه وعمته وقد بدأوا ايضا يداعبون الخروفين المسكينين!!
فجأة واثناء اللعب وفرحتهم بمداعبة الخروفين التفت الصغار تجاه صوت ينبههم للخروج من الزريبة وعندما التفتوا الى مصدر الصوت اكتشفوا انهما ابوهم وعمهم وقد ظهر والد الصغير محمد واخوه عم محمد وهما يرتديان (عراقيين) بعد ان خلع كل منهما عمامته وجلباب العيد الجديد ويحمل والد محمد حبلا طويلا وسطلا به ماء وعمه كان يحمل سكينة طويلة وفأسا وساطورا كبيرة وحادة وهما يتقدمان الي الزريبة حيث لا زال يلهو الصغير محمد مع الخروفين المسكينين وقد تلطخت جلبابه بوحل الزريبة ولم يلتفت الي ابيه وعمه القادمين لذبح صديقيه الحميمين وهو ابدا لا يعلم بهذا الخبر الفاجعة وليس في خياله مثل تلكم الصورة الوحشية لسكين وفاس وساطور وحبل وذبح وحشرجات ودماء وموت وهي من من مكملات فرحةالعيد!!
فجأة صاح الصغار ابناء عم محمد فرحين مولولين وهم مشحونة ذاكراتهم بهذا المشهد الدموي المعتاد في يوم العيد ويعلمون علم اليقين بدنو لحظات ذبح الخروفين المسكينين..حيث سيستمتعون كما جرت العادة بالقفز من فوق الخروفين بعد ذبحهما تبركابدمائهما في هذا العيد السعيد وسيساعدون اباهم وعمهم في عملية القاء الفضلات والاستمتاع بالتفرج علي عملية السلخ وتعليق الخروف علي شجرة البيت وايضا سيستمتعون بعملية نفخ الفشفاش الاحمر بالفم الحر وادخال محتويات بعض المصارين فيه لعمل طبق
( المرارة) الشهيرة..وايضا سيحمل الصبية الكرشة وبعض اجزاء البطن والمعدة الي امهم في البيت لعمل المرارة والكمونية والتي سيستمتعون باكلها!! الا الصغير البريء محمد وحده لم يشاهد ولم يسمع بتلكم العملية ولم يحكي له ابوه عنهاذات يوم وهو في بلاد امه الاوروبية حيث هناك لا تذبح الخراف ولا الدجاج في البيوت ابدا لانها عملية محرمة بموجب القوانين..ولا يرى الاطفال هناك ابدا عملية الذبح وملحقاتها ولا حتى في افلام الرعب!!
فجأة التفت الصغير محمد الي ظهره حيث كان يشير ابناء عمه مولولين فرحين.. وهو لا يفهم لغتهم وسر فرحتهم العظيمة..وكم كانت المفاجأة والتي جعلته ايضا يضحك بشكل هستيري مع ابناء عمومته وهو يولول معهم فرحا وهو يشاهد اباه وعمه في هذه الهيئة وكانهما يمثلان في فيلم رعب ساذج ....وهو يعتقد ان اباه وعمه يقومان بمناسبة العيد بعمل كوميدي او درامي لاسعاد الاطفال في هذا اليوم السعيد.. وظل مثل ابناء عمه يصيح ويصرخ من الفرح وهو يرى اباه وعمه يقتربان من احد الخروفين ويمسكان به ظانا انهما ايضا سيداعبان ويلعبان مع صديقيه الحميمين بمناسبة العيد!! وقبض والدالصغيرمحمد الخروف من قرنيه وبطحه ارضا وهو يضحك والصغار يضحكون ومحمد ايضا يضحك..وتقدم العم الطيب يحمل سكينته الطويلة الحادة.. هنا ازدادت دهشة محمد من براعة التمثيل لدي عمه وابيه وهو فرح جدا ولكن فجأة تغيرت تعابيره في تلكم اللحظة الشريرة و بشكل لا ارادي اصابته قشعريرة رعب وخوف عظيم من منظر السكين الكبيرة الحادة والتي يراها لاول مرة... وهو حتى تلكم اللحظة ظل مصدقا انها مسرحية عيدية للصغار يؤديها ابوه وعمه.. ولكن المسكين لا يدري ان مثل تلكم السكينة الحادة لا تخطيء ابدا ضالتها في هذا اليوم السعيد ولا عمه ووالده ابداسيمزحان في هذا اليوم السعيد وهما سيفرطان في اداء شعيرة الاضحية!!
في اللحظة القاصمة الحاسمة صمت الاطفال الصغار..وايضاصمت الصمت..حيث للموت رهبة وهيبة
وكاد قلب الصغير محمد ان ينخلع من الخوف من صدره مابين مكذب ومصدق لما يراه امامه والدهشة والرعب تمكنا منه جدا عظيماوهو يرى بريقا في عيني ابيه وعمه اشبه بنظرات المجرمين في افلام الرعب .. وهذا المشهد ابدا لا علاقة له بفرحة العيد.. سكين ودماء وذبيح مسكين تحت الارجل...من اين سياتي الفرح والسرور بالعيد ...في هذا الحال البشع ودارت في راسه الصغير البريءافكار سريعة ونداء ضمير صغير يرفض فكرة الذبح مهما كانت المبررات والذرائع حتى لو كانت بامر من الله ومن صلب الدين الحنيف !!.. من هو هذا الذبيح يا محمد!!؟ انه صديقي وحبيبي الخروف الطيب الذي اسعدني ليومين كاملين وهانذا في الزريبة اتيت لاحييه تحية العيد و الان ازوره لنواصل سمر العيد الجميل....هل حقيقة ان ابي وعمي جادان في هذه الهزلية ليذبحانه؟؟!!...لا لا ان البريق الذي في عينيهما يفضح هذا الشر المقدس..لا يكذبان لا يكذبان!!.. وبدا الصغير من غير وعي يقترب رويدا رويدا من ابيه الذي يمسك الخروف من رجليه وعمه الذي ظل ممسكا بالسكينة الطويلة الحادة وهو يضع قدمه علي رقبة الخروف المسكين والان بالفعل بدأ في عملية التكبير ايذانا ببداية الذبح العظيم.. وبدأ يحرك السكين في اتجاه رقبة الخروف المسكين.....
وفي لحظة الحسم الكبير كان الصغير محمد قد وصل ذروة الرعب الكبير وعلا في داخله صوت الضمير مناديا اياه بالفداء بالفداء ليفدي صاحبه المسكين الجميل في يوم الفداء العظيم وفى اللحظة القاصمة التي وضع العم سكينه الوحشية على رقبةالخروف وهو يحرك يده ليبدأ الذبح..هنا طار بلا شعور الصغير محمد من مكانه صارخا صرخة داوية رددت اصداءها حيطان الحي و نبحت وراءها كلاب الجيران وفزع اهل البيت رعبا وحتى الصغار ابناء عم محمد اصابتهم رهبة وخوف عظيم و(تضايروا) فزعا خلف الشجرة الصغيرة عند الزريبة وقد افزعهم صوت محمد المذعور ايضا,, وفجأة مثل عقاب كاسرانقض الصغير محمد والذي تحول الي نسر عظيم علي يد عمه القابضة علي السكين في طريقها لتمارس الذبح العظيم وحينها هب العم المفزوع مذعورا والسكين في يده ولا يدري ما الخطب ومن فرط الصدمة ومن غير ان يشعر صادفت سكينه المفزوعة وهي تغادر رقبة الخروف المحظوظ لتستقر بدلها في صدر بن اخيه محمد الصغير وقد استقرت في قلبه الصغير الكبير وهو يفدي صديقه الخروف الجميل في عيد الفداء العظيم!!.. وكان يوم فداء عظيم اذمات محمد ود الخواجيةالصغيروعاش الخروف السوداني الوديع وضاعت فرحة العيد ورجع العائد من الصقيع ابدا الي الصقيع يلعن وطنايفرح فيه الناس دومابالذبح والدماءوالسكين والدموع والنحيب والنحر من الوريد للوريد!!


هشام هباني

--------------------------------------------------------------------------------
مداخلة: #2
العنوان: Re: ومات محمد ود الخواجية فداء الخروف الجميل!!
الكاتب: هشام هباني
التاريخ: 31-01-2007, 03:12 م
Parent: #1


الاعزاء القراء

سلامات

احببت اعادة هذه الخاطرة من الارشيف لاهمية موضوعها الاساسي كي تجد حظها من النقاش حول تناول موضوع جذور العنف في الثقافة السودانية من خلال هذه الطريقة الدموية في تطبيق شعيرة دينية وليس الامر هاهنا انتقاصا من قيمة هذه الشعيرة الدينية بقدر ماتناول لادائها وتطبيقها في بيئاتنا السودانية الاسلاميةبطريقة تكرس ثقافة مفاهيم عنفيةنرفضها في حياتنا السودانية التي امتلات بجميع صنوف العنف من مستوى الافراد الي الدولةوهاهي ثقافة العنف قد اتت اكلها وقد راينا ذبح البشر في الوطن من الوريد الي الوريد وثقافة القتل والتعذيب التي يمارسها الرساليون الرسميون السودانيون اي هذه العصابة المجرمة الحاكمة!
الود والاحترام

هشام


--------------------------------------------------------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق