الخميس، 13 نوفمبر 2008

من هنا اتى هؤلاء

ليت أديبنا المحبوب( الطيب صالح) صمت كعهده عن فعل (ساس يسوس) كعادته القديمة غير منفعل ومتفاعل مع قضايا شعبه منذ فجر الاستقلال وحتى اخر محطاتنا في منازلة الطغيان المحلي في اكتوبر وابريل وحتى اليوم حيث لم نسمع له سابقا ولا لاحقا في معية كثير من ادبائنا الوطنيين بموقف مشرف معلوم تجاه تلكم المظالم الكبرى في حق امته وهي نقيصة كبرى في حق انسان اديب (عالمي) وهو صمت لن يعفيه من اللوم وربما الادانات وهو الاديب من المفترض ان يكون كائنا شعوريا مفعما بالاحساس وقيم الخير والجمال وهي الحالة التي لا تتساوق الا مع الحق والحقيقة وهي تحتم عليه ان يرفض بصوت عال الظلم والطغيان والمفاسد منحازا بوعيه وضميره لشعبه في سرائه وضرائه وهو يعبر عن ضمير امته مثل كثير من الادباء والشعراء العظام في كثير من الامم وهم حداة ركبها في مواجهة الطغيان لانهم اصحاب رؤى انسانية منسجمون مع الحالة الشعورية والاخلاقية التي متوطنة في دواخلهم ولذلك ينفعلون مع الحراكات السياسية من منطلقات اخلاقية وقيمية والسياسة في مفهومهم ليست بزة رسمية مفصلة على اناس محددين بل هي واجب وممارسة اخلاقية لانها تلامس حقوق وطموحات الامم وتهتم بنهضتها ولذلك لا يمكن ان يكون الاديب محايدا فيها بين الحق والباطل بزعم انه يحب او يكره السياسة لانها ليست هواية بل واجبا اخلاقيا وانسانيا يمليه عايه ضميره ووعيه ينبغي ان يمارسه كل صاحب ضمير لانها تتعلق بحياته ومصيره ومصير اخرين مطالب بوعيه وثقافته ان يدافع عنهم امام ظالميهم.
ورغما عن هذا الصمت قد سعدنا جدا ان من الله ذات ليلة من ليالي الظلم والظلام على اديبنا المحبوب بموقف وطني عظيم يتيم تجسد في جملة صغيرة كبيرة جعلنا منها ( هلولة) تلقفها الغوغاء والدهماء والمتثاقفون كأنما الفرج حل باهل السودان حينما تساءل اديبنا المحبوب في قمة وعيه ( من اين اتى هؤلاء) ولايدرى الطيب (الطيب) حتى اللحظة من اين اتى هؤلاء واقول له اتى هؤلاء من طرواداتنا المركوزة في وعينا المثقوب بالسلبية والذاتية والاتكالية وربما الانتهازية حين يقف ما يسمى بالمثقف موقف المتفرج من قضايا مصيرية عامة تتعلق بمظالم ومفاسد وجرائم تعاني منها امته وهي تتطلب منه موقفا اخلاقيا وانسانيا شجاعا واضحا منحازا للحق والحقيقة وهو شيء طبيعي يتساوق مع الحالة الشعورية والاخلاقية التي تتقمصه وبالتأكيد في غياب هذا المثقف الغائب المتفرج يملأ الفراغ (هؤلاء) الذين يسأل عنهم اديبنا الاريب المحبوب وحينها يكون السؤال الاستنكاري عن مجيئهم غير واقعي ويفترض ان يسأل الطيب نفسه: اين كان الطيب قبل هؤلاء صالحا ام طالحا!؟
ولكن ان يغير اديبنا موقفه من موقف الوطني المستنكرمجيء هؤلاء الاوغاد الى موقف المادح الراضي عنهم بكل جرائمهم وفظائعهم بل مناديا ايانا بقبول السفاح البشير قائدا وهو الملطخة اياديه بدماء الاف من الشرفاء الشهداء وهو قاتلنا ومعذبنا ومشردنا وناهبنا فانها والله نقيصة بل سقوط مدو وقع في حضيضه اديبنا المحبوب وما عاد الطيب صالحا بل طالحا في خواتيم العمر وهو بئس الختام!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق